دور البصمة الوراثية في اثبات البنوة
المحاضر: م.م نبال رويس حمزة التدريسية في كلية القانون_ جامعة القادسية
ان الهدف من الندوة بأعتبار ان رابطة النسب من أقوى الروابط والأسس التي يقوم عليها بناء الأسرة الانسانية ، لذا فقد عُني بها الإسلام عنايةً كبيرة ، فنهى الآباء على أن ينكروا نسب الأولاد الذين منهم قال تعالى ” ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَأن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فإخوانكم فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ ” كما نهى على أن يدعوا ابناء غير ابنائهم وينسبوهم اليهم قال تعالى “وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ” لذلك فقد احاطت الشريعة الاسلامية الانسان بعناية فائقة وحفظت حقوقه في النسب ووضعت الإحكام الخاصة بما يكفل حياة الولد من الضياع ويصون الإعراض ويمنع اختلاط الأنساب ، فجاء الإسلام بطرق عديدة لاثبات النسب من اهمها قيام الزوجية– الفراش- والإقرار والشهادة.
الا ان ظهور العديد من المستجدات الطبية والعلمية ومنها فصائل الدم والبصمة الوراثية التي يمكن الركون اليها في مسألة اثبات البنوة.فالبصمة الوراثية ، تعــــــد هـــــي الإكتشافالإهـــــمالذي وجـــــد على يد عالم الوراثة الأنكليزي (Alice Jeffrey) مكتشف البصمة الوراثية عــــام 1984 إذ اضحــــــى هــــذا الأكتشـــاف من أهـــــــم الوســــائل المستخدمة في الكشف عن الهوية وتحقيق الذاتية الشخصية بالأعتمــــاد علـــى الحامض النووي (D.N.A)وهو اختصار لـ (Deoxyribo Nucleic Acid) اي الحامض النووي الريبي منقوص الأوكسجين، الذي يعتمد على حقيقة مفادها أن لكل أنسان نمطاً خاصاً بترتيب جيناته في كل خليه من خلايا جسده.
إن استخدام البصمة الوراثية في موضوع اثبات البنوة مبني على اسس علمية وهي أن العوامل الوراثية بالطفل الأبن يكون أصلها من أبويه لأنه يأخذ نصفها من الأب عن طريق الحيوان المنوي والنصف الآخر من الأم عن طريق البويضة .
اما عن الموقف التشريعي من استخدام البصمة الوراثية فعند الرجوع إلى قانون الإثبات العراقي المرقم 107 لسنه 1979 نجده قد حصر طرق الإثبات في ( الدليل الكتابي ،الإقرار ،الاستجواب ،الشهادة ،القرائن ،اليمين ،المعاينة ، الخبرة ) والسؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الأذهان هو اين يمكن أن يندرج موضوع البصمة الوراثية من بين هذه الطرق؟ أن الإثبات بالبصمة الوراثية يعد من الوسائل العلمية الحديثة التي فرضت نفسها في اثبات قضايا البنوة إلى جانب الأدلة الشرعية ، أن اثبات النسب عن طريق البصمة الوراثية هو اثبات عن طريق القرينة القضائية.
وخلصت الندوة الى ان المشرع العراقي لم يعالج الإثبات بالبصمة الوراثية بشكل صريح سواء في قانون الأحوال الشخصية أو القوانين الإجرائية ،ولكن على الرغم من عدم وجود نص بشأن استخدام هذه الوسيلة الا أن هناك بعض النصوص التي اشارت إلى امكانية استخدام البصمة الوراثية وأن كانت بصوره غير مباشره ومن هذه النصوص القانونية نص الفقره الثانية من المادة 52 من قانون الأحوال الشخصية التي نصت” اذا كان المقر أمر أهمت زوجة أو معتدة فلا يثبت نسب الولد من زوجها الا بتصديقه أو بالبينة “فالمقصود بالبينة لا ينحصر بالشهود فقط بل من الممكن أن تدخل البصمة الوراثية تحت مضمونها. واذا كان قانون الأحوال الشخصية هو الإساس الذي ينظم احكام النسب وكيفية اثباته استنادا إلى نص الفقرة الأولى من المادة الأولى التي تنص بسريان النصوص التشريعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها ،إذ يعد النسب احد المسائل التي تناولها بلفظها، الا أن عدم النص على ذكر جميع الطرق المستخدمة في اثبات النسب يمنع من اللجوء إلى نصوص قانون الإثبات استنادا إلى نص الفقرة الثالثة من المادة الحادية عشرمن قانون الإثبات التي نصت”أن المسائل غير المالية المتعلقـــــــــــــــة بالأحوال الشخصية يســـــــــــــري عليها هــــــــــــذا القانون مـــا لم يوجد دليل شرعي خاص أو نص بالأحوال الشخصية يقضي بخلاف ذلك”، والنسب يعد من الأمور غير المالية في مسائل الأحوال الشخصية .كما يمكن الاستدلال على مشروعية استخدام البصمة الوراثية في نص المادة (104) من قانون الإثبات العراقي إذ جاء فيها “للقاضي أن يستفيد من اساليب التطور الحديثة في استنباط القرائن القضائية”، فالمشرع اجاز من خلال هذه المادة أن يستفيد القاضي من وسائل التقدم العلمي بوصفها قرائن قضائية وهذا النص يشمل البصمة الوراثية بصوره جلية.