فلسفة المحكمة العليا الأمريكية في حل مسائل تنازع القوانين في الولايات المتحدة
م.حسين نعمه انغيمش
أستاذ القانون الدولي الخاص
كلية القانون _جامعة القادسية
فلسفة المحكمة العليا الأمريكية في حل مسائل تنازع القوانين في الولايات المتحدة
تسعى المحكمة العليا الأمريكية إلى تحقيق العدالة المادية في الحلول المتبعة في مجال تنازع القوانين مبررة تلك الحلول بنصوص عامة وردت في الدستور الأمريكي رغم أن الأخير لم يتضمن اي إشارة لكيفية حل مسائل تنازع القوانين اللهم الا عندما عرض الاختصاص التشريعي القاصر للسلطة الفيدرالية في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من الدستور الأمريكي النافذ (إصدار قوانين موحدة بالافلاس ومسائل التجنس وتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية وتشجيع التقدم في مجال العلوم والفنون ) .
وقد تسبب هذا في إحداث حالة من عدم اليقين القانوني نتيجة لغياب منهج واضح يمكن استنباطه من السوابق القضائية الصادرة عن المحكمة العليا الأمريكية فتحقيق العدالة يستوجب النظر إلى ظروف وملابسات كل دعوى على حدة. ان المحكمة العليا الأمريكية قد بادرت إلى تشجيع القضاء في الولايات المتحدة عن التخلي عن إعمال قواعد الاسناد التقليدية خصوصا تلك المبنية على ضوابط إسناد مكانية لأنها تتسم بالجمود وعدم تحقيقها للعدالة وان لم تصرح بذلك في العديد من أحكامها كما أنها قد باركت توجه المحاكم العليا في الولايات نحو تطبيق قانونها بالمخالفة لقواعد الاسناد التقليدية وبررت ذلك من الناحية الدستورية بوجود المصالح المشروعة للولاية في تطبيق قانونها على الدعوى .
وبذلك تكون المحكمة العليا هي التي قادت الثورة الأمريكية في نطاق تنازع القوانين وما كانت كتابات الفقيهين cavers وCurrie الا محاولة لوضع قالب نظري يتيح للمحكمة معالجة تنازع القوانين دون شطط مع مطالبتهم بضرورة الحد من الاجتهاد القضائي في هذا المجال ويتجلى النهج العدائي للمحكمة العليا الأمريكية تجاه قواعد التنازع التقليدية فيما يخص تطبيق التشريعات الفيدرالية فلقد لجأت إلى فكرة عدم الامتداد التشريعي لكي تفض التنازع الذي يقوم بين التشريعات الأمريكية والاجنبية بدلا من وضع قواعد إسناد واضحه مستغلة صلاحيتها في الدستور الامريكي لملء الفراغ التشريعي في ذلك الموضوع كذلك اصرارها على مواصلة تحقيق العدالة المادية في كل دعوى تنظرها دون التقيد بقواعد اسناد ثابته .
وقد أدرك الكونغرس الأمريكي عبثية ذلك الوضع وحاول معالجة الأمر من خلال إصدار نصوص تشريعية تهدف إلى تحديد نطاق تطبيق التشريعات الفيدرالية لكن ذلك التدخل امر نادر الوقوع ويتسم بعدم الشمولية فهو قاصر على عدد قليل من التشريعات الفيدرالية . وبذلك نصل إلى نتيجة مفادها أن الوضع الحالي فيما يخص تنازع القوانين مرشح للاستمرار في المستقبل مالم تتوجه المحكمة العليا الأمريكية من خلال سوابقها القضائية أو الكونغرس الأمريكي من خلال سلسلة من التشريعات الفيدرالية إلى اعتماد قواعد إسناد تقليدية أو حتى قواعد إسناد ذات طابع مرن تعمل على قيام التوازن بين تحقيق العدالة المادية والحفاظ على استقرار المعاملات وحماية الخصوم من المفاجات المتتالية في مجال تنازع القوانين أمام المحاكم الأمريكية سواء كانت فيدرالية أو محاكم الولايات