الإشكاليات المتعلقة بالإفلاس التجاري الدولي
أقامت كلية القانون / جامعة القادسية ندوة علمية بعنوان ( الإشكاليات المتعلقة بالإفلاس التجاري الدولي ) المحاضر: م م. الهام فاهم نغيش
تهدف الندوة الى تسليط الضوء على قضايا الإفلاس التجاري عبر الحدود بأعتباره أمر يفرضه واقع الاقتصاد العالمي ، وتأتي اهمية موضوع الافلاس الدولي نتيجة لما يرتبه من تبعات والتزامات مالية وقانونية ، لذلك لابد من تسير وتسهيل الأعتراف بالأحكام والاجراءات الاجنبية وكذلك التنسيق والتعاون بين المحاكم ، كما ان هذه الامور تتطلب تعاونا مشتركا بين الدول ، وتشريعات خاصة ترعاها سواء اكانت اتفاقيات دولية او قانون موحد من اجل توفير حماية اكثر شمولية لضمان حقوق الدائنين ، لذا كانت ولا زالت هنالك جهود تبذل لوضع قواعد قانونية تعنى بقضايا الأفلاس من هذا النوع. لوجود فجوة بين تزايد هذه القضايا وبين القواعد القانونية الموجودة حاليا ولاسيما في التشريعات العربية ومنها التشريع العراقي الذي يواجه فراغا تشريعيا ساهم في تزايد المشاكل القانونية التي تحتاح الى حلول سريعة وفعالة لحماية الدائنين والمشروعات التجارية في ذات الوقت من اجل استقرار الأقتصاد الوطني وتطويره.
ويتحقق الأفلاس عبر الحدود في حال تنازع قانوني دولتين او اكثر على حكم اجراءاته وربما يؤدي ذلك الى تطبيق قواعد الأفلاس في دولتين او اكثر لحل المشكلة ، وبما يتبع ذلك من حصر الأموال وتوزيعها على الدائنين بموجب قانون الدولة التي اشهر افلاسه فيها ، وعلى المحكمة ان تبحث في مدى تطبيق هذا القانون فيما أذا كان اقليميا ام انه يشمل الأموال الموجودة خارج الحدود ، حيث تقضي سيادة الدولة اختصاص المحاكم الوطنية على هذا النوع من الأفلاس ، اذ ان سيادة الدولة على اقليمها تفرض بأن يكون لمحاكمها الولاية القضائية على الاشخاص الموجودين في اقليميها بصرف النظر عن جنسياتهم وكذلك الأموال والألتزامات الموجودة او التي تتم على اقليمها ، وقد يؤدي اختصاص محاكم الدولة هذه الى سهولة تنفيذ الحكم الذي يصدر منها على الأشخاص والاموال الموجودة على اقليمها ، وقد يكون مرد هذا الأختصاص هو قاعدة القاضي بأن الأصل براءة ذمة المدعى عليه حيث يثبت له العكس ، وما دام لم يثبت بعدم انشغال ذمته فأنه ليس من العدل ان نحمله مشقة الأنتقال وراء الدعوى وعلى المدعي ان يثبت دعواه ويلاحق المدعى عليه في محل اقامته. ونتيجة لتزايد حالات الأفلاس عبر الحدود فقد اختلفت الأسس العامة لنظام الأفلاس في قوانين بعض الدول ، وذلك لتتمكن من ايجاد الحلول لمثل هذه القضايا ، ففي بعض التشريعات الأجنبية يهدف نظام الأفلاس اضافة الى حقوق الدائنين _ الى اقالة التاجر من عثرته او الشركة التجارية واستعادتها لنشاطها التجاري من جديد ؛ كقانون اليونسترال النموذجي للأعسار عبر الحدود والذي تعددت اهدافه ، كما ان تبني الدول الدول هذا القانون سيوفر وسائل فعالة تكفل تحقيق هذا الهدف.
ولكن مع ذلك لا تزال الاسس العامة لنظام الأفلاس في التشريعات العربية تختلف عنها في التشريعات الأجنبية ، اذ تعتمد بالدرجة الأولى على حماية الدائنين من تصرفات مدينهم التي قد تخرج امواله من الضمان العام وبالتالي تضيع حقوقهم سواء بقيامه بتهريب امواله او يترتب حقوق للغير عليها ، لذلك نجد ان اغلب الدول قد فعلت نظام الأفلاس واخضعت كافة قواعده واجراءاته لرقابة القضاء مع بقاء اجراءات التنفيذ على اموال المدين في حدود اقليمه بمعنى ان يتم التنفيذ للأموال الموجودة على ارض الدولة التي صدر فيها حكم شهر الأفلاس ، وهذا يعني ان الغاية من شهر الافلاس هو من اجل حصر اموال المفلس وتوزيعها على الدائنين ولكن صعوبة التنفيذ تكمن في حال وجود الاموال في اكثر من دولة واحدة او ان يكون بعض دائنيها خارج حدود الدولة التي ينتمي اليها او في حال التعاقد مع شركة اجنبية اعلن افلاسها في الدولة التي يقع فيها مركز ادارتها الرئيسي ، ففي هذه الحالة على المحكمة ان تبحث في مدى تطبيق هذا القانون فيما اذا كان اقليميا ام انه يشمل اموال الشركة الموجودة خارج الدولة ؛ كما انه ومن الضروري ان تكون المحاكم قريبة من موقع المال المتنازع عليه او من مكان الأعمال او الأموال التي ادت الى وقوع الخلاف وذلك لأجراء الكشف اللازم والاستماع للشهود وتدقيق القيود وما الى ذلك من اجراءات اساسية للفصل في الدعوى من اجل تحاشي النفقات ومتاعب السفر الى بلد اخر .
وقد انتهت الندوة الى ان قضايا الأفلاس التجاري عبر الحدود قد لاتتلائم مع قواعد الأختصاص القضائي الدولي للمحاكم الوطنية على الرغم من ان المشرع قد وضعها مراعاه منه لخصوصية النزاعات المتضمنة عنصرا اجنبيا ،وعلية لابد من ان تكون هنالك قواعد قانونية للتنسيق بين عمل المحاكم المعنية واجراءاتها لتمكنها من ادارة التفليسة ادارة ناجحة وتحفظ حقوق الدائنين ، فالمجتمع التجاري الدولي قد اصبح بلا حدود الامر الذي يستدعي لوجود جهة دولية واحد لحل هذه القضايا والمقصود هنا وضع قواعد للتنسيق بين المحاكم وليس المقصود التعدي على قواعد الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة . خلصت الندوة بمجموعة من التوصيات والتي نأمل من المشرع العراقي ان ينظر لها بعين الاعتبار حيث يجب على ان يلتفت الى مسالة مهمة وهي تنظيم اختصاص المحاكم العراقية في معالجة قضايا افلأس اشهر في خارج العراق ، وان يشرع قانون يتضمن قواعد اجرائية تنظم الأختصاص القضائي بين الدول وكيفية الاعتراف بالاحكام الاجنبية والتعاون الدولي بين المحاكم ومحاكم الدولة المعنية لتعقب الاموال التي يتم تهريبها خارج حدود الدولة التي اصدرت حكم الافلاس مما ينعكس سلبا على حقوق الدائنين .
.
